إن العلاقة الجنسية هي غريزة مثل غريزة الطعام، يستطيع الإنسان أن يأكل من طعام يحبه يومًا أو يومين أو أكثر.
ولكن بعد ذلك يضجر منه ويضج ويطلب التغيير، وأيضًا يختلف حال الإنسان عندما يكون جائعًا، وعندما يكون في حالة شبع؛ ففي حالة الجوع فإنه يأكل أي شيء وما يجده، وهو في حالة الشبع يختار ويتفنن في الطعام.
فبعد مرور سنوات من الزواج قد يتسرب الملل إلى الحياة الزوجية، وتضعف الرغبة في اللقاء، ولا يعالج الملل في العلاقة الزوجية إلا التنويع والتجديد، فكيف يكون ذلك؟
عن طريق الخطوات التالية، فتابعي معي أختي الزوجة:
1 ـ التغيير في المظهر:
فلا بد من أن تجيد الزوجة فن التغيير؛ التغيير في الملبس وفي الهيئة، وهو ما يُسمى (New look)، فلا تتعاهدي نفسك أختي الزوجة بطريقة واحدة في التزين والتجمل، بل كوني مبدعة ماهرة مبتكرة فارفعي الشعر وأرسليه وغيري لونه.
البسي الضيق والشفاف، والقصير والطويل، غيري من الماكياج والألوان والعطور، واعلمي أن كل أنواع الزينة وطرقها مباحة على الإطلاق إلا ما كان فيه نهي صريح: كالوشم، والنمص والوصل.
2 ـ التغيير في المكان والزمان:
بحيث يتغير موعد اللقاء ومكانه، فليس ضروريًا أن يكون التلاقي في ساعة متأخرة من الليل، بل قد يكون في الصباح أو بعد العصر، والزوجان عليهما اختيار الوقت المناسب.
ولتتنوع توقيتات اللقاء وأشكال الاستمتاع الحلال ليقطف الزوجان فواكه المتعة الحلال من شجرة الحب الصافي وتقر عين كل منهما بالآخر.
3 ـ التغيير في كيفية الأداء الجنسي:
فليس ضروريًا أن يلتزما هيئة، بل يمكن أن يبتكرا كل يوم هيئة جديدة، وهو ما أرشدت إليه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223]، {أَنَّى شِئْتُمْ} جاء في اللسان لابن منظور أن كلمة "أنى" تأتي لمعان ثلاثة:
كيف: للهيئة، أين: للمكان، متى: للزمان.
هكذا في توجيه لطيف يفتح للزوجين آفاقًا أبعد من الأداء الروتيني للقاء بينهما.
إنه توجيه يراعي فطرة البشر التي تحب التغيير والتجديد والتطوير، وهي الفطرة التي جعلت بعض الصحابة يسلك هذا التغيير حتى خاف من كونه أحدث أو أذنب.
فقد جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال: «ما الذي أهلكك؟».
قال: حولت رحلي البارحة، قال: فلم يرد عليه شيئًا، قال: فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، أي: «أقبل أو أدبر واتق الدبر والحيضة» [حسنه الألباني].
وهكذا حتى في أدق أمور الحياة الزوجية وأشدها حساسية وشفافية يأتي توجيه القرآن ليقي هذه الحياة من التصدع.
فأحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المرأة مستفرشًا لها، بعد الملاعبة والقبلة، وبهذا سُميت المرأة فراشًا كما قال صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش» [صححه الألباني].
ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جلس بين شعبها الأربع» [متفق عليه]، ففي الحديث معنى أن من أوضاع الجماع الجلوس بين الشعب الأربع، وهو أن يعلوها فيصبح بين يديها ورجليها.
وهناك أشكال أخرى للجماع منها:
ـ إتيان المرأة وهي على جنبها، وقد كان أهل الكتاب إنما يأتون النساء على جنوبهن على حرف، ويقولون هو أيسر للمرأة.
ـ ومن ذلك إتيان المرأة في قبلها من دبرها، وهو الذي كانت تقول فيه اليهود: إن الرجل إذا أتى امرأته على هذا الوضع جاء ابنه أحول، فكذبهم الله تعالى وأنزل قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}.
قال ابن عباس: "الحرث موضع الولد {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}؛ أي كيف شئتم؛ مقبلة ومدبرة في صمام واحد".
روى البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: "كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}، قال ابن جريج في الحديث: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج».
ولا شك أن في هذا التعبير "حرث لكم" ما فيه من إشارات إلى طبيعة تلك العلاقة في هذا الجانب وإلى أهدافها واتجاهاتها، فمناسبة السياق هنا مناسبة إخصاب وتوالد ونماء، وما دام حرث فأتوه بالطريقة التي تشاءون، ولكن في موضع الإخصاب الذي يحقق غاية الحرث.
وليس هناك ما هو محرم من أوضاع المباشرة، بل للزوجين أن يتما هذه العملية بالطريقة والكيفية التي تسعدهما، وللرجل أن يأتي زوجته من دبرها في فرجها، وله أن يستمتع بالدبر دون إيلاج وللمرأة أن تستمتع بسائر جسد زوجها.
ويقول صاحب "تربية الأولاد في الإسلام": "ومن آداب المباشرة أن ينخلعا من ثيابهما؛ لما للتجريد من الراحة للبدن والسهولة في التقلب، والزيادة في المتعة، والأنس للزوجة".
والمرأة المسلمة لا تعصي زوجها إذا طلبها للفراش، فقد قال صلى الله عليه وسم: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت؛ فبات غضبان عليها؛ لعنتها الملائكة حتى تصبح» [متفق عليه].
قال ابن حزم: "وفرض على الأمة والحرة أن لا يمنعا السيد والزوج الجماع متى دعاهما، ما لم تكن المدعوة حائضًا أو مريضة تتأذى بالجماع، أو صائمة في فرض أو مُحرِمة، فإن امتنعت بغير عذر فهي ملعونة".
وفي "كشاف القناع" في فقه الحنابلة: "وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت، وعلى أية صفة كانت إذا كان الاستمتاع في القُبُل ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، فليس له الاستمتاع بها إذن، لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف.
وحيث لم يشغلها عن الفرائض ولم يضرها فله الاستمتاع، ويجوز الجماع في أي وقت، وبالتالي يجب على المرأة طاعة زوجها إذا دعاها إلى فراشه ليلًا أو نهارًا، ولا يكره الجماع في ليلة من الليالي، ولا في يوم من الأيام".
ويصل الأمر بالشريعة أن تقدم حق الزوج في الجماع على نوافل العبادات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه» [رواه مسلم].
ومعنى "أنى" من قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يعني في أي وضع شئتم، وفي أي وقت شئتم، بل وفي أي مكان شئتم مع مراعاة ستر العورة، وعدم التكشف على الغير.
وليس في الاستمتاع محاذير ولا موانع إلا ماحذر الشرع منه أو منعه بنص صريح صحيح، ومعنى الآية أيضا: أن الله خلق المرأة وهيأها ليستمتع بها الرجل كيف شاء.
ولا شك أنه حتى لا تُصاب الحياة الزوجية بالملل، فإن على الزوجين أن يجددا وينوعا دائمًا في طريقة الجماع باستخدام الوصفيات المتنوعة، والأوقات المختلفة، والأماكن الجميلة، والكلمات الممتعة.
أهم المراجع:
زاد المعاد.......................... ابن القيم.
في ظلال القرآن.................... سيد قطب.
حتى يبقى الحب.................... محمد محمد بدري.
فن صناعة الحب ومعاملة الرجال.... خالد السيد عبد العال.
تربية الأولاد في الإسلام............ عبد الله ناصح علوان.
كشاف القناع عن متن الإقناع..... البهوتي.
المحلى............................ ابن حزم.
بالمعروف........................ د.أكرم رضا.
إبهاج الأزواج................... توكل محمد مسعود.
لمن يريد الزواج وتزوج.......... فؤاد الصالح.
الكاتب: د. صلاح فؤاد مكاوي
المصدر: موقع مفكرة الإسلام